كثر في الآونة الأخيرة استخدام مصطلحات فضفاضة ( مجملة) تحتمل معان متعددة ، فهي تحتاج إلى تحليل وتحرير .
ومن تلك المصطلحات :
(الطاقة السلبية ، والطاقة الإيجابية ).
فما هو المقصود بها ؟ وما الحكم الشرعي المتعلق بإطلاقاتها ؟
١- إن كان المراد بالطاقة معنى حسي ثابت علمياً ، كالطاقة الحرارية والنووية والكهربائية و غيرها ، فالأمر فيها معروف علميا وواقعيا بإطراد ، وطرق تحصيلها علمية معروفة ولا إشكال فيها شرعاً ( وليست هي المقصودة غالبا ) .
٢- إن كان المراد الطاقة الفلسفية الباطنية ، ( كالبرانا والتشي والكي ) و( طاقة الشفاء وطاقة الحياة و ....) فأساليب تحصيلها محرمة شرعاً فهي نتاج عقيدة إلحادية ( وحدة الوجود) ترتكز على أصول دينية باطلة تتنافى مع المعتقد الإسلامي الصحيح ، إضافة إلى أن أساليب استمدادها ( يوجا ، ريكي ، تأمل ، ...) في الحقيقة طقوس وثنية يتقرب بها إليها والتشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم الدينية محرم بالاتفاق .
٣- أن يراد بها طاقة « معنوية » كالشعور بالراحة أو بالإحباط أو الحب والكره ، فهذه إن ساغ استعمالها مجازا في اللغة إلا أنها باب تمرير ( الطاقة الفلسفية) فيُنظر في أساليب تحصيلها ، فإن كانت مشروعة فلا بأس .
وإن كانت مطابقة لأساليب تحصيل الطاقة الباطنية فتحرم لأنها المقصودة حينئذ والتدليس مراد به التلبيس على الناس .
الوصفات التي تُتداول لطرد ما أسموه بالطاقة السلبية واستجلاب ما أسموه الطاقة الايجابية ينبغي الحذر منها ....
وإن خللوها بكلام شرعي كتأثير سورة الإنشراح ،أو تأثير السجود ، أو الرقية وقراءة القرآن ونحو ذلك ..
فما يقصده هؤلاء بمصطلح الطاقة يمتزج فيه حق وباطل ، فتارة يقصدون الشياطين وتارة الجراثيم ، وكثيرا ما يقصدون طاقة ( تشي) والمعتقدات الوثنية للديانات الشرقية القائمة على تفسيرات خرافية ووثنية ..
لذا من الصعب تنقية هذه الوصفات من الباطل والظن أننا يمكن أن نجربها ونيتنا صالحة لا يصح ، فالعقيدة أغلى مانملك
ومن الشرك بالله الاخذ بهذه الوصفات التي لا تثبت عقلا ولا نقلا .فلا هي أسباب شرعية ولا هي أسباب كونية على الحقيقة .
ولدينا بفضل الله من الثابت عقلا وشرعا ما يطرد عنا كل شر ويمنحنا كل خير
ونحن موحدين لربنا شاكرين له معتزين بديننا.
الاعتقادات و( الفلسفات ) لفهم الكون والحياة الموجودة والتي يُنادي بها في العالم اليوم كثيرة جداً ..
يعنينا منها لفهم موضوع ( الفكر الباطني الحديث) وحركاته الروحانية عقائد ثلاث :
الأولى : العقيدة الصحيحة ، وهي أصل جميع الأديان السماوية (قبل التحريف)، وتظهرها بوضوح نصوص الوحي المعصوم في الرسالة الخاتمة ، ومفادها أن للكون إله حق واحد هو الله جل جلاله ، متصف بالكمال والجلال على التفصيل والإجمال فله – سبحانه - ذات تليق بجلاله وعظمته ، وله صفات عُلا وأسماء حسنى عرّف نفسه بها لعباده بما أوحى لأنبيائه .
والثانية : ماتسمى بعقيدة "تأليه الطبيعة" أو "تأليه الوجود" ، ومفادها تصور مبني على الاعتقاد بأن الوجود شيئ واحد (كلي واحد) سواء كان "عقلا كلي " أو "وعياً كاملا" أو "طاقة كونية" أو"قوة عظمى" وأن كل ماهو موجود إنما هو انطباع لذلك الكلي الواحد ،
وهذه العقيدة هي أصل فلسفات أديان الشرق بتلوناتها الكثيرة وبأسمائها المتنوعة التي من أشهرها الطاوية والهندوسية والبوذية .
وهي ذات الفكر الذي تبناه كثير من فلاسفة اليونان قديما . واصطلح على تسميتها عند علماء المسلمين (عقيدة وحدة الوجود ).
والثالثة : "عقائد سرية باطنية" نتجت من دمج عقيدة وحدة الوجود التصور الثاني ( مع ) التصور الأول من قِبَل منتمين للديانات السماوية ، فأنتج ذلك الدمج "وحدة وجود باطنية" تستخدم الألفاظ والمصطلحات الدينية وأهمها الألوهية ( الله ) على التصورات الإلحادية في معتقدات الشرق والغنوصية .
وهذه الأخيرة تظهر جلية لدى قبالة اليهود ، وغنوصية النصارى ، وبعض فلاسفة المسلمين وغلاة المتصوفة ، وتشكّل الخطر الأكبر على أصل الأديان السماوية (العقيدة الصحيحة) لما فيها من التلبيس بباطنيتها.
وهي التي تبنتها اليوم حركات روحانية كبرى من أشهرها (حركة العصر الجديد ) وسعت لنشرها في العالم عن طريق ممارسات ودورات ظاهرها تطوير الذات واكساب قدرات الشفاء الذاتي والصحة وباطنها إخراج الإنسان ( المتأله) الذي لا يحتاج إلى إله خارج نفسه .
https://telegram.me/fowz_3k