(( ظهرت - في الآونة الأخيرة - أنواع جديدة من الحركات الباطنية لاتحارب دينا بعينه ، ولاتتصدى للإسلام خاصة ، وإنما تحارب جميع عقيدة الألوهية في جميع الأديان السماوية ،لتنشر محلها عقيدة وحدة الوجود الباطنية .
ومن ثم اختلف منهجهها قليلا عن ما عُرفت به الباطنية في التاريخ الإسلامي . فلم تلبس ثوب الإسلام والدين في بدايتها كما شأن الحركات الباطنية في تاريخ الأمة ، وإنما أخذت طابع الثقافة المحايدة والفكر الجديد ، الذي بدا متوجها للإنسانية بعامة ، ورُوج لتطبيقاتها تحت إسم التنمية البشرية وسُوقت برامجها عبر مؤسسات التدريب والتطبيب كبرامج
حيوية عامة لاتقدم فكرا أو فلسفة نظريا ولاتتعلق بدين أو مذهب محدد ، وكذا تسللت عبر الكتب والأفلام ووسائل الإعلام كنظريات ووسائل جديدة ، وعبر الرسائل والتغريدات كوصفات سريعة لحياة سعيدة ... )) .
ماهي هذه الحركة ؟ ومتى بدأت ؟ وكيف انتشرت تطبيقاتها ؟
نشأة حركة العصر الجديد :
في الستينيات من القرن العشرين الميلادي تكونت نواة الحركة في معهد "إيسالن " ( Esalen ) بأمريكا الشمالية الذي يحتضن الفكر الغنوصي الباطني ، ويتبنى البحث في قوى الإنسان الكامنة وتتبع العقائد والفلسفات التي تؤمن بضرورة تحرير هذه القوى من إسار المعتقدات الدينية "غير العقلانية " بتعبيرهم - يقصدون المعتقدات السماوية القائمة على التلقي - وسعى المعهد إلى نشر "الفكر الروحاني " ( Spirtiuality) كبديل عن " الدين " ( Religion ) بين العامة والخاصة ، بطرق متنوعة ومعاصرة وجماهيرية وتطبيقية ومباشرة .
وظهرت حركة " القدرة البشرية الكامنة "
( Human Potential Movement )
بريادة " كارلوس كاستنيدا " (1998-1925 )
ومؤسسي المعهد ، " مايكل ميرفي " و" ريتشارد برايس " .
وكرست الحركة اهتمامها للبحث في هذا المجال وتتبع الدراسات والممارسات التي تخدم هذا التوجه .
وقد كانت هذه الحركة وراء توسع التوجه البحثي المعاصر في الغرب عن المؤثرات الغيبية الميتافيزيقية "الماورائية " للأداء البشري بنظرة روحانية ملحدة تغفل ماتخبر عنه الأديان السماوية عن عالم الغيب ومخلوقاته ، وتعتمد على التراث الغنوصي القائم على فلسفات الديانات الشرقية وكتبها المقدسة .
نشأة "حركة العصر الجديد " :
لقد شكل الفكر الروحاني الباطني أكبر امتداد فكري في الغرب في العصر الحديث ، وساهم في نشأة الطوائف الروحانية المتأثرة بالشرق بسبب عدة أسباب ؛ من أهمها أن الديانات الشرقية قدمت للإنسان الغربي روحانية خالية من أي التزامات أخلاقية أو شرعيه ، وهي ماكان الغرب ينشده نظرا للجفاف الروحي في الديانات المحرفة ، وعدم رغبة الغربيين بالتقيد بأية حدود أخلافية لاعتيادهم على حرية مطلقة لشهواتهم .
إضافة إلى رغبة كثير من الغربيين في التعرف على طرق بديلة للتلاعب بالوعي بدون تعاطي العقاقير بعد أن عرفوا أضرار المخدرات التي يدمنون عليها ، وهو ماتدعي الروحانيات الشرقية تقديمة عبر طرقها الباطنية الرامية للوصول إلى حالات متغيرة من الوعي يفقد معها الإنسان وعيه وإحساسه بالحزن أو الألم .
هذا مادلت عليه الإحصائيات حيث إن 96,4% ممن ينتمون إلى الطوائف الروحانية المتأثرة بالديانات الشرقية سبق لهم استخدام المخدرات قبل انضمامهم إليها .
في هذه الأجواء تكونت بذرة
" حركة العصر الجديد " عندما تبنت طائفة جديدة في المعهد نشر الفكر الروحاني وتطبيقاته تسمت فيما بعد
"حركة العصر الجديد "
( New Age Movement )،
ولم تبرز الحركة كدين أو فكر جديد ، وإنما ظهرت في صورة طائفة تدعو للروحانيات من أجل الحب والسلام والإيجابية .ولم تقدم الحركة ببرامجها جديدا ، وإنما عمدت إلى بعث مجموعة من طقوس الأديان الشرقية واعتقاداتها ، وجددت قوالب تقديمها للناس وابتكرت طرقا متنوعة لتسويقها ونشرها .
تصفح كتاب حركة العصر الجديد ،
د.فوز بنت عبداللطيف كردي .
منقول من قناة الفكر العقدي الوافد ومنهجية التعامل معه.
https://telegram.me/fowz_3k